الشفاعة
وتعني
التشفّع لدي الله لغفران الذنوب ، وهي مكانة كريمة مَنَّ بها الباري جلّ شأنه على
النبي والأئمة والعلماء والشهداء. ويرى المفسرون أن تعبير "المقام
المحمود" الذي ورد في القرآن يعني الشفاعة. وأحد الشفعاء هو الحسين عليه
السلام. وشفاعة الحسين تؤدي إلى نجاة المذنبين من عذاب جهنم في الآخرة، وتؤدي في
الدنيا إلى فوز وفلاح محبيه ومن يحزنون على مصابه.
قال رسول
الله: "كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين فإنها ضاحكة
مستبشرة بنعيم الجنة" (بحار
الأنوار 44: 293). وجاء في الأحاديث أن رسول
الله صلى الله عليه وآله تلقّى البشرى من الله بأن جزاء شهادة الحسين من ربه الشفاعة لمذنبي الأمة.
الإمام
الحسين بن علي هو شفيع الشيعة، فقد جاء في الزيارة: "وأن شفعت شُفّعت" (مفاتيح الجنان: 419، أعمال الضريح الشريف لسيد الشهداء عليه السلام). "فكن لي شفيعا" (مفاتيح الجنان: 442، زيارة النصف من رجب). "اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود" (مفاتيح الجنان: 458، زيارة عاشوراء). وجاء في الحديث: "ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفّعون:
الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء" (بحار الأنوار 8: 34).
وليس
الحسين فقط، بل كل شهيد له .حق الشفاعة، وقد نال هذا المقام في ظل شهادته. ويعتقد
محبّو الحسين بشفاعته ويرون أن الله لن يعذبهم لما سبق منهم من بكاء وحزن على
الحسين وجزاءً لمحبتهم إياه.
ولا يخفي
أن الحسين عليه السلام وإن كان شفيع المحشر، والبكاء عليه أمان من عذاب النار إلا
أن استحقاق الشفاعة يجب أن يكون من خلال صلاحنا وتقوانا. ولا ينبغي أن يقود
الاعتقاد بشفاعة الحسين إلى التّجري وارتكاب المعاصي من قبل محبّيه. فقولنا: إننا
غارقون في المعاصي والحسين هو الشفيع، لا ينبغي أن يكون مجوّزاً لارتكاب الذنوب، مثلما يعتقد المسيحيون بأنّ عيسى قد
صلب ليغفر لأتباعه. ويتوهم بعض الشيعة أن فلسفة شهادة الحسين إنما هي لأجل غفران
ذنوب أمة المصطفى. ولا شك أن هذا الوهم الخاطىء يشجع المرء على المعصية.
إن شفاعة
أبي عبدالله عليه السلام صحيحة، إلا أن ارتكاب الذنوب وعدم المبالاة بأحكام الدين
على أمل شفاعته انحراف عن المفهوم الصحيح للشفاعة. فشفاعته إنما ينالها من لا
يستخف بالصلاة وسائر التعاليم الدينية ولا يضيع حق الناس.