الحياة بين اللذة والألم
مرسل: الخميس مارس 12, 2009 11:40 am
الحياة بين اللذة والألم
يولد الكائن البشري ويحمل بين ثناياه حرصه المتواصل في الحصول على اللذة من خلال ملازمته وقربه إلى من يرعاه وهم ينظرون إليه بعاطفة وحنان لتستقر نفسه .. وفي ذات الوقت نراه يبتعد كلما أمكن عن مسببات الألم التي تزعجه سواء ماديا أو معنويا ، وهذه طبيعة بشرية لا يمكننا اجتيازها . وبمعادلة بسيطة نتناول فيها مفهوم اللذة متمثلة في حصول الفرد على حاجاته من استقرار معيشي في مأكل وملبس ومأوى وصحة .. الخ والأهم من ذلك كله الأمن والأمان (المفقود حاليا في أرجاء المعمورة والأسباب متعددة!!!) ، ويقابله من جهة أخرى نقص أو عقبات تمنعه من الحصول على أي من تلك الحاجات لنطلق عليه مسمى الألم .
يقال بأن "الألم جهوري الصوت .. واللذة هامسة" والغريب أن اللذة عند الإنسان مصدرها مادة في المخ مشتركة بين الناس ولكن كل واحد يفرزها بطريقته الخاصة كلٍ حسب حاجاته (فمثلا الطفل الجائع يبكي حتى يحصل على الطعام فيسكت عندئذ ويتحول بكاؤه إلى فرح). وكذلك من يتعرض لحادثة بسيطة كمرض أو فقر ، فإنه يكون متأرجحا في تفكيره بين أن يجهر بألمه للناس بما يعانيه ويطلب بذلك مساعدتهم وبين أن يثق بالله وفي ذلك لذة هامسة تتجلى في صبره حتى زوال هذه الغمة ولو بعد حين .
"لولا الألم لما استمتع الإنسان باللذة" فخير للعبد أن يتألم قليلا لينعم طويلا ، ولنا في حياة المؤمنين الأوائل في صدر الإسلام عبر كثيرة .. فقد كانوا أعظم إيمانا وأصدق لهجة وأعمق علما لأنهم عاشوا حياة المعاناة من جوع وتعذيب وقتل وإبعاد عن أوطانهم ولكنهم لم يزدادوا إلا رباطة جأش وإصرار على الصمود ونشر تعاليم الإسلام الصحيحة والعمل بها سرا وعلانية .
ويبقى تصور وتقبل النفس البشرية لحقيقة اللذة والألم مختلفا ، "فكم من لذة يراها غيرك ألماً .. وكم من ألم يراه غيرك لذة" ، فلنضرب المثالين التاليين لتقريب الرؤية :
فكم من عابد زاهد يرى بأن العبادة بما فيها من تعب جسماني في هذه الدنيا إنما هي سبيل للوصول إلى الجنة (إن أخلص العمل بها) . ويقابله من جهة أخرى إنسان مقصر في القيام بواجباته الدينية ومنغمس في ملذات الحياة وعابث بحقوق الناس مادية كانت أو معنوية أو سلوكية في تعامل أو أخلاق وكل ذلك يندرج تحت التصور المختلف لحقيقة اللذة والألم .
سؤال يتبادر للأذهان .. يا ترى هل صحيح بأن "دقيقة الألم ساعة .. وساعة اللذةدقيقة" ؟؟؟ شاركوني
بقلم الأخت أم يسد يوسف