في البصائر بسند صحيح فقال : (حدثنا أحمد ابن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران، عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله علية السلام قال: «إنّ الأرض لا تترك بغير عالم»قلت : الذي يعلمه عالمكم ما هو؟ قال :«وراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي بن أبي طالب علية السلام، علم يستغني عن الناس ولا يستغني الناس عنه» . قلت: وحكمة يقذف في صدره أو ينكت في أذنه، قال :«ذاكوذاك»)
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله كَانَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ فَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ وَ هُوَ يُصَلِّي فَوَقَفُوا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله وَ سَاءَلُوهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه واله وَ دَعَوْا وَ أَثْنَوْا وَ قَالُوا لَوْ لَا أَنَّا عِجَالٌ لَانْتَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه واله فَأَقْرِءُوهُ مِنَّا السَّلَامَ وَ مَضَوْا فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه والهمُغْضَباً ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:
هذا الخلق الاسلامي الكريملمحمد وال محمد عليهم صلوات الله تعالى؛ ان لا ندع اخ يمر علينا الا وندعوه للاكل والشرب ؛ فلو تاملنا عواقب هذه الافعال الجميلة والخلق الكريم لوجدنا ان له الاثر الاكبر في شد الاواصر والروابط الطيبة بين افراد المجتمع ؛ وكذلك يربي ابنائنا الذين يراقبون افعالنا على السخاء والكرم وبذل المعروف للاخرين وترك البخل الذي هو من اذم الرذائل الاخلاقية .
ان التهادي بين المؤمنين يشد اواصر المجتمع ؛ ويزيد المحبة في القلوب ؛ ولكن بشرط ان لا يتكلف لاخيه بل الجود من الموجود؛ لذلك قالالرسول الاكرم صلى الله عليه واله:
اني لا احب المتكلفين .
من اثار التكلف ان الانسان يقع في حرج وديون ما يتعبه ويتعب اهله ؛ ولذلك قد يكره ان يدعو اخاه مرتا اخرى لما تحمل من ويلات ومما تكلفه في الدعوة الاولى ؛ بينما الذي لا يتكلف لاخوانه ولا يحمل اهله العسير فانه دائما رحب الصدر في استقبال اقربائه واخوانه .
سنذكر الروايات التي تخص اداب الضيافة وغيرها لانها مقدمة للاكل والتداوي بالاطعمه والاشربه من كل انواعها لاننا وعدنا في اول الكتاب ان نذكر كل ما نستطيع نقله من اهل البيت عليهم السلام فيما يخص عالم الاكل والشرب والتداوى ومقدماتها وخاتمتها .
وهنا ينبغي الاشارة الى امور :
1- ليس من ادباهل البيت عليهم السلامان تكلف من يضيّفك ان يتكلف لك . بل تقنع بما يوضع امامك وتشكر الله وتشكره لزحماته .
2- هناك فرق كما مضى في الرواية السابقة في الضيافة بين ان تدعو الضيف بنفسك وبين ان ياتي هو بدون علمك.
فأن دعوته انت فينبغي ان تهتم فيما تقدمه له وتتكلف له؛ وان جائك هو بدون دعوه فقدم له ما عندك .
يُونُسَ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ قَالَ دَعَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِهَرِيسَةٍ فَقَالَ لَنَا ادْنُوا فَكُلُوا قَالَ فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ يَقْصُرُونَ فَقَالَ عليه السلام: كُلُوافَإِنَّمَا يَسْتَبِينُ مَوَدَّةُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ فِي أَكْلِهِ عِنْدَهُقَالَ فَأَقْبَلْنَا نُغِصُّ أَنْفُسَنَا كَمَا تَغَصُّ الْإِبِلُ تامل: لما نكون على طعام مهما كنا جياع والاكل لذيذ وحينها ونحن ناكل ان نخبر بموت حبيب او اي مصيبة فاجعة اعاذنا الله جميعا فلا نستطيع ان ناكل بل نتركه ونهرع الى مصيبتنا وننسى الجوع ولذت ما قدم الينا . فهذه الحالة النفسية جدا مهمه لابد ان نلاحظها ونربي ابنائنا واهلنا عليها . فالامام عليه السلام هنا جعل مقياس الحب ومعياره الانبساط بالاكل عند من يدعوك فانت ان لم تحب الداعي لك لا تنبسط له وعدم الانبساط يؤثر على عدم الاشتهاء . وهنا ينبغي البحث بالتفصيل للوصول الى حقيقة مهمه وهي ان الحالة النفسية تؤثر على الشهية والحب يؤثر على الجهاز الهضمي . وكيف ربط الامام عليه السلام بين القضايا الاجتماعية والنفسية وبين الاكل والشهية ثم اعطى عليه السلام قانونا مهما بان الانبساط بالاكل علامة حب ضيفك لك . ومن هذا القانون سوف يربح الضيف لانه ان كان يستحي ان ياكل فسيترك الحجب المانعة من الاكل والخجل المانع له من الاكل وياكل وهو فرحان بانه في حال اثبات حبه لصاحب السفرة والمائدة. السلام عليكم يا ال رسول الله صلى الله عليه واله .
انالامام عليه السلاميعطينا احد برامجه في طريقة الانفاق على الاطعام؛ وهو انه ان وسع عليه رب العالمين فهو يوسع على نفسه وعياله وضيوفه؛ وان ضيق عليه بحكمته؛ فهو يدبر امره على مقدار ما رزقه الله تعالى .
طبيعي لما يكون هذا برنامج الانسان في حياته ؛ سوف لا يشعر الاهل بضيق في الحياة؛ ويتادبون بادب الله تعالى ؛ وهم لم يحرموا من الاطعمة اللذيذة في ايام التوسعة ؛ ويقنعوا بالموجود في ايام القناعة .
اللهم وفقنا ان نتخلق باخلاق ربنا عز وجلوائمتنا عليهم السلام.
*عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: