فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

كل مايخص القصص والعبر
أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(20)
هكذا صار السيد أبو الحسن مرجعاً كبيراً*



نقل أحد مراجع الشيعة الكبار في زمانه وهو ابن عمّي وزوج عمّتي، وهو السيد عبد الهادي الشيرازي قدّس سره، قصة عن المرحوم المرجع الكبير السيد أبو الحسن الأصفهاني قدّس سرّه وهي:
ذات مرة وبعد الانتهاء من أداء فريضتي المغرب والعشاء قدّمت لسماحة السيد أبو الحسن الأصفهاني مجموعة من الاستفتاءات. وقرّرت أن أذهب إلى بيته عند السحر لاستلم أجوبتها، وصمّمت مع نفسي وأنا في الطريق إلى بيته على أن لا أطرق الباب إلا إذا كان مصباح غرفته موقداً، فكان كذلك، فطرقت الباب وبعد الاسئتذان دخلت في غرفته، فوجدته منهمكاً بالإجابة على مجموعة كبيرة من الأسئلة الشرعية وقال لي:
عندما رجعت إلى البيت ودخلت غرفتي أردت أن أتناول العشاء أولاً (وأشار إلى الصحن الذي كان فيه عشاؤه والذي كان في أحد جوانب الغرفة) وبعدها أنام ثم عند الصباح أقوم بالإجابة على الأسئلة ولكن في الوقت نفسه أحسست أن قلبي يقول لي: دع العشاء والراحة والنوم وعليك بالإجابة على الأسئلة الشرعية أولاً، فهو أهمّ من العشاء والنوم... .
إن الذي جعل السيد أبو الحسن ألاصفهاني قدّس سرّه أن يكون مرجعاً كبيراً لأتباع أهل البيت صلوات الله عليهم هو ذلك الاهتمام القلبي بالاستجابة إلى العمل وفق ما يعتقده لا وفق ما يشتهيه. فكل من يهتم بمعتقده ويفضّله على ما يشتهيه فسيكون مخلّداً وتكون كل أعماله نافعة ومفيدة.


* من كلمة لسماحته بعوائل وشباب من مدينة أصفهان /غرّة ذو القعدة الحرام 1424 للهجرة.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(21)
الشيخ المفيد مثالاً للخوف من الفتيا*


لقد كان الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) من كبار علماء الطائفة، عاش قبل أكثر من ألف عام في الغيبة الصغرى للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه، وكان يحضر درسه في بغداد العلماء من مختلف الطوائف والملل من الشيعة والعامّة والنصارى واليهود والصابئة.
ورد في تاريخه أنه سئل يوماً في حكم امرأة حامل ماتت والولد ينبض في رحمها، فقال: يُشق الجانب الأيمن من البطن ويُخرج الولد ثم تدفن الأم.
ثم تبيّن أنّه أخطأ في جوابهم، فكان ينبغي أن يقول بشق الجانب الأيسر، فأسف على إفتائه وقرّر أن لا يفتي أحداً بعد ذلك.
فمع أنّه لم يثبت طبياً وجود فرق في شقّ بطن الميت الحامل سواء كان من الجانب الأيمن أم الأيسر لا بالنسبة للميت ولا للجنين، ومع أنّ الشيخ المفيد لم يكن عامداً بل صدرت منه الفتوى بخلاف الحكم الشرعي خطأ وسهواً، وكلّ الناس معرّضون للخطأ إلاّ المعصومين وهم الأنبياء والأئمة الاثنا عشر وسيّدة النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين، إلاّ أنّ الشيخ المفيد تألّم إلى درجة بحيث قرّر ترك الإفتاء خشية الوقوع في الخطأ ثانية والقول بما لم يحكم الله ـ وإن لم يكن عامداً ـ.
هذا والشيخ المفيد بلغ درجة مع العلم والفضل بحيث كان مرجعاً ليس للشيعة وحدهم بل كان يرجع إليه المسلمون وغيرهم وينهلون من علمه. ولقد نُقل في الكتب أنّ الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه نعاه بنفسه عندما توفي وكتب على قبره:
لا صوّت الناعي بفقدك إنّهيوم على آل الرسول عظيم
عالِم بهذه المنْزلة يحذر من تكرّر الخطأ منه فيجلس في بيته ويغلق عليه بابه ويقرّر عدم الإفتاء، دون أن تنفع معه توسلات المراجعين، حتى بعث إليه الإمام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه، في أحد الأيام شخصاً وقال له: يقول لك الإمام:
أفِد يا مفيد، منك الفتيا ومنّا التسديد.
وقال له: إن الإمام بعثني خلف الجماعة الذين استفتوك وقلتُ لهم: إنّ الشيخ يقول: لقد أخطأت، فشقّوا البطن من الجانب الأيسر. عندها أرسل الشيخ خلف الجماعة ليتأكد من الموضوع، فقال لهم: ماذا عملتم بالمرأة الحامل؟
قالوا: شققنا بطنها من الجانب الأيسر كما أخبرنا هذا الشخص الذي أرسلته خلفنا. بعد ذلك عاد الشيخ المفيد للإفتاء.


* من محاضرة (أحكام الله فوق كلّ شيء والشعائر الحسينية جائزة شرعاً) ألقاها سماحته في شهر محرم الحرام عام 1399 للهجرة.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(22)
هدية الإمام الحسين سلام الله عليه للدربندي*



هدية الإمام الحسين سلام الله عليه للدربندي*
كل من يتحمّل مشاقَّ وأعباءً أكثر ويضع راحته وسهره في خدمة قضية مولانا الإمام الحسين سلام الله عليه، بطبيعة الحال له أجرٌ أعظم، ومن الأمثلة على ذلك ما رُئي لاثنين من الفقهاء الأفاضل في المنام(1)، أحدهما الشيخ الأنصاري رحمه الله الذي تنهل الحوزات العلمية الدينية منذ 150 عاماً من علمه، والآخر الشيخ الدربندي رحمه الله.
هذان العالمان كانا زميلَي دراسة في مرحلة الشباب، وكانا من تلامذة المرحوم شريف العلماء المازندراني (ره)، وأصبح كلاهما فيما بعد مرجعين للتقليد، وفي ذلك الوقت كان الشيخ الأنصاري هو المرجع العام للشيعة، والدربندي له مرجعية محدودة.
ذات يوم عزم أحد طلاب الشيخ الأنصاري ـ وكان طالباً مجدّاً يحمل صفات العلم والورع ـ على السفر إلى إيران، فقام الشيخ الأنصاري بوداعه حتى مشارف المدينة مشياً على الأقدام، ثم رجع.
كان ذلك الطالب يعتزم السفر إلى مدينة كربلاء ثم الكاظمية وسامراء ليعود بعدها إلى إيران، لكنّه في اليوم التالي لم يذهب إلى كربلاء، ورجع من وسط الطريق. وعندما رأى الشيخ الأنصاري تلميذه في النجف الأشرف سأله: «لماذا عدت؟».
أجابه: «ليلة أمس غلبني النوم وأنا في الطريق في جوف الصحراء، فرأيت مَلَكاً في منامي يقول لي: إلى أين أنت ذاهب في هذه الصحراء، إنّك راحل عن هذه الدنيا بعد ثلاثة أيّام؟ وهذا القصر لك (وأشار الملك إلى قصر) ولم أكن أعلم على وجه اليقين إن كانت هذه رؤيا صادقة أم لا، فقفلت راجعاً إلى النجف، لأكون عند أمير المؤمنين سلام الله عليه وليس في الصحراء فيما لو تحقّقت الرؤيا، وإذا لم تتحقّق أواصل رحلتي من جديد. وبالفعل، تحقّقت الرؤيا وتوفّي الرجل بعد ثلاثة أيّام كما وُعد بذلك.
يروي هذا الشخص نفسه ـ قبل وفاته ـ للشيخ الأنصاري بأنّه قد رأى في ذلك المنام أيضاً قصراً شامخاً فسأل: لمن هذا القصر؟
قيل له: «إنّه للشيخ الأنصاري»، وفي ناحية مجاورة من ذلك القصر رأى قصراً آخر أفخم من القصر الأول فسأل: وهذا لمن؟
قيل له: «هذا قصر الشيخ الدربندي».
في ذلك الوقت كان الشيخان لا يزالان على قيد الحياة، كان الشيخ الأنصاري في النجف الأشرف، والشيخ الدربندي في كربلاء المقدسة. وبالإضافة إلى كون هذا الأخير مرجعاً دينياً، كان خطيباً يعتلي المنابر الحسينية وكان له منبر خاص في كل عام، حيث نُقل لي بعض من قصصه تلك بواسطتين عمّن حضر مجلسه، وكانت مجالسه تقام في الصحن الشريف في ظهيرة يوم عاشوراء من كل عام بعد انتهاء المجالس الأخرى حيث كانت تعجّ بجماهير غفيرة، وأحياناً كان يتحدث قبل ساعة من موعده، ويقول أحياناً: «لا أريد أن أقيم مجلس ندب ونواح فقد سمعتم منها ما يكفي طيلة الليل وحتى الظهيرة، لكنّني أريد أن أوجّه بضع كلمات باسمكم إلى الإمام الحسين سلام الله عليه...» وكان مجلساً مميّزاً حقّاً.
كما دوّن المرحوم الدربندي كتاباً مسهباً عن الإمام الحسين سلام الله عليه يحمل عنوان «إكسير العبادات في أسرار الشهادات ـ المقتل الملم بمأساة الحسين سلام الله عليه».
كان المتحدّث (تلميذ الشيخ الأنصاري) يعرف الشيخين جيداً، ويعلم أنّ مرجعية الشيخ الدربندي لا تضاهي مرجعية الأنصاري، لذلك أثارت فخامة قصر الشيخ الدربندي في تلك الرؤيا السؤال في نفس تلميذ الشيخ الأنصاري ليسأل المَلَك عن سبب ذلك، لأنّه من المتوقع أن يكون قصر الشيخ الأنصاري أكثر فخامة وعظمة، فأجابه المَلَك قائلاً: «هذا ليس جزاء أعمال الدربندي، بل هو هدية له من قِبل الإمام الحسين سلام الله عليه».


*/ من محاضرة (عاشوراء دروس وعبر) ألقاها سماحته ليلة الحادي عشر من شهر محرم الحرام عام 1426 للهجرة.
1/ الرؤيا ليست دليلاً ولكن عُبِّر عنها أحياناً في الروايات بالمبشرات، فقد ذكر في صحيحة معمر بن خلاد عن مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه أنه قال: «إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا أصبح قال لأصحابه: هل من مبشّرات؟ يعني به الرؤيا». الكافي/ج8/ باب حديث الأحلام و.../ ص 90/ ح59.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(23)
الفقهاء لا يفتون إلا بعد استفراغ الجهد*

إنّ مَن يراجع كتب الفقه يدرك هذه الحقيقة بجلاء. فهناك على سبيل المثال أخذ وشد طويل وعريض ونقاش حاد بين فقهاء الإسلام منذ أربعة عشر قرناً وحتى اليوم حيال الإفتاء طبق روايةٍ أحد رواتها مجهول الحال. فمثلاً لو وردت رواية عن المعصوم عبر عشرة رواة كان تسعة منهم ثقات ولكن كان يقع في هذه السلسلة شخص واحد مجهول الحال أي لا نعلم هل هو ثقة أم لا؛ هنا يتوقف الفقهاء في الإفتاء طبق هذه الرواية، لأنّه لا يجوز القول إنّ حكم الله في مسألة هو كذا أو كذا دون دليل ومستند. فإذا كان الأمر كذلك فهل يحقّ بعد ذلك لمن ليس اختصاصه الفقه أن يعطي رأياً في أحكام الله فيحلل ما يشاء ويحرّم ما يشاء؟!.
لقد سمعت شخصياً من المرحوم الوالد (رضوان الله عليه) أنّه كانت هناك مسألة من مسائل الحج - لا يهمنا ذكرها الآن - وقعت مداراً للبحث بين مجموعة من المجتهدين، منهم مراجع للتقليد، وهم السيد الوالد (رحمه الله) نفسه والسيد آقا حسين القمي (رحمه الله) والشيخ محمد رضا الإصفهاني (رحمه الله) والسيد زين العابدين الكاشاني (رحمه الله)، واستمر البحث لمدة ثلاثة أسابيع ولم يستطيعوا نهاية المطاف أن يقطعوا فيها بالحرمة فأفتوا فيها بالاحتياط؛ مع أنّهم جمهرة من المجتهدين قضى كلّ منهم عشرات السنين من عمره حتى صار خبيراً في الفقه وصار استنباط الأحكام شغله واختصاصه، لكنهم مع ذلك توقفوا عندما أعوزهم الدليل ولم يتعجلوا في إصدار حكم، فإن الجاهل هو الذي يصدر الأحكام هكذا اعتباطاً، أما المتخصص فهو يدرك أهمية الموضوع ولا يستهين بأحكام الله ويطلقها جزافاً لأنّه يعرف عظمتها وأنه سيكون مسؤولاً أمام الله الذي تحدث عن نبيّه بتلك الشدة، فقال: ﴿ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل...﴾ الآيات، فكيف بغيره من الخلق؟!
*/ من محاضرة (أحكام الله فوق كل شيء) ألقاها سماحته في شهر محرم الحرام 1399 للهجرة.

صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(23)
الفقهاء لا يفتون إلا بعد استفراغ الجهد*

إنّ مَن يراجع كتب الفقه يدرك هذه الحقيقة بجلاء. فهناك على سبيل المثال أخذ وشد طويل وعريض ونقاش حاد بين فقهاء الإسلام منذ أربعة عشر قرناً وحتى اليوم حيال الإفتاء طبق روايةٍ أحد رواتها مجهول الحال. فمثلاً لو وردت رواية عن المعصوم عبر عشرة رواة كان تسعة منهم ثقات ولكن كان يقع في هذه السلسلة شخص واحد مجهول الحال أي لا نعلم هل هو ثقة أم لا؛ هنا يتوقف الفقهاء في الإفتاء طبق هذه الرواية، لأنّه لا يجوز القول إنّ حكم الله في مسألة هو كذا أو كذا دون دليل ومستند. فإذا كان الأمر كذلك فهل يحقّ بعد ذلك لمن ليس اختصاصه الفقه أن يعطي رأياً في أحكام الله فيحلل ما يشاء ويحرّم ما يشاء؟!.
لقد سمعت شخصياً من المرحوم الوالد (رضوان الله عليه) أنّه كانت هناك مسألة من مسائل الحج - لا يهمنا ذكرها الآن - وقعت مداراً للبحث بين مجموعة من المجتهدين، منهم مراجع للتقليد، وهم السيد الوالد (رحمه الله) نفسه والسيد آقا حسين القمي (رحمه الله) والشيخ محمد رضا الإصفهاني (رحمه الله) والسيد زين العابدين الكاشاني (رحمه الله)، واستمر البحث لمدة ثلاثة أسابيع ولم يستطيعوا نهاية المطاف أن يقطعوا فيها بالحرمة فأفتوا فيها بالاحتياط؛ مع أنّهم جمهرة من المجتهدين قضى كلّ منهم عشرات السنين من عمره حتى صار خبيراً في الفقه وصار استنباط الأحكام شغله واختصاصه، لكنهم مع ذلك توقفوا عندما أعوزهم الدليل ولم يتعجلوا في إصدار حكم، فإن الجاهل هو الذي يصدر الأحكام هكذا اعتباطاً، أما المتخصص فهو يدرك أهمية الموضوع ولا يستهين بأحكام الله ويطلقها جزافاً لأنّه يعرف عظمتها وأنه سيكون مسؤولاً أمام الله الذي تحدث عن نبيّه بتلك الشدة، فقال: ﴿ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل...﴾ الآيات، فكيف بغيره من الخلق؟!
*/ من محاضرة (أحكام الله فوق كل شيء) ألقاها سماحته في شهر محرم الحرام 1399 للهجرة.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(24)
حتى لا أخجل أمام الإمام الحسين وأمّه الزهراء صلوات الله عليهما*



أخبرنا السيد الوالد قدّس سرّه أنّ أحد البيوت الملاصقة بالصحن الحسيني الشريف كانت تعود لأحد الكسبة في السوق، وعندما طلبت سدانة الروضة الحسينية منه أن يبيعها لهم لكي يلحقوها بالصحن، قال:
إنني مستعدّ لتقديم عينيّ للإمام الحسين سلام الله عليه فكيف بهذه الدار؟
ولم يماكسهم على السعر وقال: إنني لا أعترض على أي مبلغ تقترحونه ولكني أرجو منكم فقط أن تخبروني عن موعد الإخلاء قبل أسبوع أو أسبوعين لكي أنقل عائلتي إلى المكان المناسب. وعندما أُخبر بالموعد نقل عائلته فوراً ثم أتى بعمال البناء والحدادة والصباغة والكهرباء و... وشرع بتجديد بناء الدار وصبغ جدرانها وتجديد حنفيات الماء وأسلاك الكهرباء، فتعجّب المسؤولون من فعله وقالوا له:
إن هذا لا يؤثّر في زيادة السعر الذي ستتقاضاه منّا، ولكنه لم يكترث بكلامهم وواصل عمله في تعمير البيت وتجميله ثم حوّله إليهم في الموعد المقرر.
وعندما سلّموه ثمنها حسب قناعتهم، اعترض واستقلّ المبلغ. فقالوا: كنت متساهلاً معنا بادئ الأمر وقلت: لا يهمّني كم ستعطونني، ولكنك اليوم تطلب الزيادة. ولكي يحلّوا النزاع جاءوا بالمقيّم فأيّد القيمة المقرّرة ولم يزد عليها. ولكن الرجل أصرّ على الزيادة وقال:
إنني لا أبيع إلا بالسعر الذي طلبتُ.
فقالوا له: لماذا إذن لم تخبرنا بذلك أولاً؟
ولكنهم عندما لاحظوا إصراره اضطروا للإجابة ودفعوا إليه المبلغ الذي طلبه، ولكنه رفض أيضاً وقال: لكني أعرف من يشتري منّي هذه الدار بأعلى حتى من هذا السعر؟
قالوا: ومن هو؟
قال: إنه الإمام الحسين سلام الله عليه.
قالوا له: ولمن ستبيع دارك في الآخر؟ أتبيعنا أم تبيع للإمام الحسين سلام الله عليه؟
قال: إذا كان هناك مشترٍ بقيمة أعلى فلماذا أبيعه بسعر أرخص؟
قالوا: إذن توافق على تهديم دارك وإلحاقها بالصحن الشريف؟
قال: ولم لا؟
قالوا: كم نعطيك؟
قال: إن كنتم تعطوني مبلغاً كبيراً جداً فسأبيعها لكم وإلا فإنّي أبيعه للإمام الحسين سلام الله عليه.
وأخيراً لم يأخذ منهم شيئاً وهدموا الدار وألحقوها بالصحن، فسأله بعضهم: ولكن لماذا عمّرت الدار وزيّنتها مع علمك بأنها ستهدم؟
قال: لقد أردت أن أقدّم للإمام سلام الله عليه أفضل دار، حتى لا أكون خجلاً أمامه وأمام أمّه الزهراء سلام الله عليها.
*/ من كلمة لسماحته بجمعٌ من طلاب ومسؤولي متوسطة «پارساي» من منطقة قُلهك في شمال العاصمة طهران/7ذو القعدة الحرام/ 1426 للهجرة.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(25)
آخرته خير من آخرتنا *

أحد علماء الدين ممن عملوا سنوات في التبليغ في أوروبا وأمريكا زارني بعد عودته من إحدى سفراته التبليغية، وتحدّث عن هموم التبليغ، فكان مما قاله في هذا الصدد:
لقد وفّق الله شاباً هندياً ـ كان يسكن في سانتياغو عاصمة تشيلي ـ أن هداه إلى نور الإسلام والتشيّع، ولكن هذه الهداية كلّفته كثيراً من الصعوبات، فقد حاربه أبواه بشدّة حتى أنه كان يقرأ القرآن في المرافق الصحية خوفاً منهما.
العجيب أن ذلك الشاب الهندي نفسه حكى أن أمّه عندما تحوّلت قبل فترة من الهندوكية إلى المسيحية لم يعترض عليها أحد، ولكن عندما تحوّل هو إلى الإسلام حاربه الجميع!!
قلت له: كان هناك نموذج لهذا الشباب في زمن مولانا النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وهو مصعب بن عمير، الذي طرده أبواه من البيت بعد معرفتهما بإسلامه، بل جرّداه من ثيابه أيضاً.
أضاف المبلّغ بعد ذلك:
لقد اتصل بي ذلك الشاب بعد فترة وطلب منّي أن أدعو له لأنه يريد الزواج ولكن أحداً لا يزوّجه.
فتبسّمت وقلت له: إن آخرته خير من آخرتنا.
وقلت: حقّاً إننا نعيش اليوم فرصة ذهبية لهداية الناس إلى التشيع. فإذا بذلنا الجهد والسعي فسنصل إلى نتائج جيدة، وإننا نستطيع أن نهدي حتى أساتذة الجامعات والسياسيين والوزراء والرؤساء، إلى نور أهل البيت سلام الله عليهم، لأنهم بشر مثلنا ولهم وجدان أيضاً.
ألم يكن النجاشي زعيماً ورئيس حكومة، ومع ذلك تغيّر واهتدى؟
إن هذا الأمر موكول إلى همتنا وسعينا وجهادنا.
* من حديث لسماحته بالعلماء والفضلاء في إحدى ليالي شهر رمضان المبارك لعام 1424 للهجرة.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(26)
لا فتك في الإسلام*

لما دخل مولانا مسلم بن عقيل عليه السلام الكوفة سكن في دار سالم بن المسيب، فبايعه اثنا عشر ألف رجل، فلما دخل ابن زياد انتقل من دار سالم إلى دار هانئ في جوف الليل ودخل في أمانه وكان يبايعه الناس حتى بايعه خمسة وعشرون ألف رجل، فعزم على الخروج، فقال هانئ: لا تعجل. وكان شريك بن الأعور الهمداني قد جاء من البصرة مع عبيد الله بن زياد فمرض فنزل دار هانئ أياماً، ثم قال لمسلم: إن عبيد الله يعودني وإني مطاوله الحديث فاخرج إليه بسيفك فاقتله، وعلامتك أن أقول اسقوني ماء، ونهاه هانئ عن ذلك. فلما دخل عبيد الله على شريك وسأله عن وجعه وطال سؤاله ورأى أن أحداً لا يخرج فخشي أن يفوته فأخذ يقول:
ما الانتظار بسلمى أن تحييها كأس المنية بالتعجيل أسقوها
فتوهم ابن زياد وخرج.
فلما خرج ابن زياد دخل مسلم والسيف في كفه فقال له شريك: ما منعك من قتله؟
قال: خصلتان: أما إحداهما فكراهية هانئ أن يقتل في داره، وأما الأخرى فحديث حدثنيه الناس عن النبي صلّى الله عليه وآله:«أن الإيمان قيد الفتك فلا يفتك مؤمن» .
حقاً ما أعظم هذه الكلمات الثلاث؟!
أجل إنها ثلاث كلمات فقط، ولكن الدنيا تزول في يوم ما، وتبقى هذه الكلمات خالدة. فكما أن الإنسان المقيّد بالسلسلة لا يستطيع التصرف بحرية لأن السلسلة تقيّده وتمنعه من الحركة فكذلك هو الإسلام يمنع الإنسان المؤمن من الفتك، فإذا فتك فذلك يعني أنه قد تحرّر من الإسلام ولم يعد متقيّداً به.
ولقد اتخذ مسلم عليه السلام الموقف الأمثل المطلوب منه، أي عمل بما تقتضيه السُنّة منه، فكان موقفه هذا أحسن الأعمال.
يقول العلامة المجلسي قدّس سرّه في البحار بعد أن نقل هذه القصة: لو قتل مسلم في تلك اللحظة ابنَ زياد لاستتب له أمر الكوفة وقوي جانب الحسين سلام الله عليه وربما آل الأمر إلى سقوط يزيد وحكومة بني أمية، وهذا يعني تفويت فرصة عسكرية من أعظم الفرص... ولكن ماذا يعمل مسلم، والإسلام قيّد الفتك؟!.
صحيح إن مسلماً قد فوّت أكبر فرصة سياسية وذهبية لقلب المعادلة لصالحه وصالح الإمام الحسين سلام الله عليهما مادياً، ولكنها لم تكن الفرصة الذهبية إسلامياً، بل كانت بعيدة عن روح الإسلام؛ فقد نقل مسلم عليه السلام حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه: إن الإسلام قيد الفتك؟!
فالغلبة المادية بالفتك ليس فيها بقاء الإسلام الذي هو فوق تلك الغلبات، فما عمله مسلم بن عقيل رضوان الله تعالى عليه كان عملاً بالسنة وهو أحسن الأعمال.
* من محاضرة (أحسن الأعمال_2) من سلسلة محاضرات شرح دعاء مكارم الأخلاق/ ألقاها سماحته في 8ذي الحجة الحرام 1420 للهجرة.
1. بحار الأنوار: ج 44/ باب 37 ما جرى عليه بعد بيعة الناس /ص344. وقرئ: قيّد الفتك. ولعله أبلغ، والقراءة الأولى أجمل.
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(27)
يبيع الحامض بأخلاق حلوة!*

نُقل أن كاسبين كانا متزوّجَين من أختين، وأحدهما كان يبيع الخل والآخر يبيع الدبس، أما الذي يبيع الدبس فكانت أموره المعاشية صعبة وكان يعاني كثيراً من المشاق، أما الذي يبيع الخل فبالعكس كان في راحة من العيش.
وفي إحدى الأيام التفت إحدى الأختين إلى الأخرى وقالت: إن زوجك يبيع الخل وهو حامض إلا أن معيشته جيدة، وزوجي الذي يبيع الدبس وهو حلو إلا أن معيشته صعبة، فما سرّ ذلك؟
فأجابتها الأخرى التي من المحتمل أنها قد قرأت التأريخ وتعلّمت محاسنه: إن زوجك يبيع الدبس الحلو بأخلاق حامضة وزوجي يبيع الخل الحامض ولكن بأخلاق حلوة!!.
كل من يتعامل مع الناس بأخلاق حسنة سيكون موفّقاً وسعيداً في الدنيا والآخرة وإن باع للناس شيئاً حامضاً، والعكس بالعكس.
كما إن ذا الخلق الحسن علاوة على سعادته في الدنيا، سيكون سعيداً في الآخرة؛ لأن الأخلاق الحسنة تستلزم طلب الخير للآخرين وعدم التعدّي عليهم، أو التفوّه عليهم بكلمات نابية، وما شابه
ذلك.
* من كلمة لسماحته ألقاها بجمع من طلاب الجامعة في مدينة مشهد المقدسة/ جمادى الآخرة 1426 للهجرة.


--- التوقيع ---
رَبِّ لَا تَذَرْنِي
صورةصورةصورة
صورة
صورة العضو الرمزية
مراقب
مشاركات: 4771
اشترك في: الخميس سبتمبر 28, 2006 5:57 am

رد: فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قصص وعبر

مشاركة بواسطة مراقب »

(27)
يبيع الحامض بأخلاق حلوة!*

نُقل أن كاسبين كانا متزوّجَين من أختين، وأحدهما كان يبيع الخل والآخر يبيع الدبس، أما الذي يبيع الدبس فكانت أموره المعاشية صعبة وكان يعاني كثيراً من المشاق، أما الذي يبيع الخل فبالعكس كان في راحة من العيش.
وفي إحدى الأيام التفت إحدى الأختين إلى الأخرى وقالت: إن زوجك يبيع الخل وهو حامض إلا أن معيشته جيدة، وزوجي الذي يبيع الدبس وهو حلو إلا أن معيشته صعبة، فما سرّ ذلك؟
فأجابتها الأخرى التي من المحتمل أنها قد قرأت التأريخ وتعلّمت محاسنه: إن زوجك يبيع الدبس الحلو بأخلاق حامضة وزوجي يبيع الخل الحامض ولكن بأخلاق حلوة!!.
كل من يتعامل مع الناس بأخلاق حسنة سيكون موفّقاً وسعيداً في الدنيا والآخرة وإن باع للناس شيئاً حامضاً، والعكس بالعكس.
كما إن ذا الخلق الحسن علاوة على سعادته في الدنيا، سيكون سعيداً في الآخرة؛ لأن الأخلاق الحسنة تستلزم طلب الخير للآخرين وعدم التعدّي عليهم، أو التفوّه عليهم بكلمات نابية، وما شابه
ذلك.
* من كلمة لسماحته ألقاها بجمع من طلاب الجامعة في مدينة مشهد المقدسة/ جمادى الآخرة 1426 للهجرة.


صورةصورةصورة
صورة
أضف رد جديد

العودة إلى ”القصص والحكايات“

الموجودون الآن

المتصفحون للمنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائران