
إكتسی يوم السابع عشر من شهر ربيع الأول من عام ثلاثة وثمانين للهجرة المباركة ببهجة مضاعفة عما سبقه من أيام ذكری المولد النبوي السعيد في هذا اليوم كانت قلوب عيال الإمام زين العابدين (عليه السلام) تغمرها فرحة ذكری مولد جدهم الحبيب المصطفی (صلی الله عليه وآله) فتضاعف السرور في قلوبهم عندما خرجت البشری من حجرة زوجة الإمام الباقر (عليه السلام) السيدة الطاهرة أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، إذ أشرقت منها شمس سادس أئمة العترة المحمدية فقد خرجت أم محمد فاطمة بنت الحسن المجتبی (عليه السلام) زوج الإمام السجاد وهي تحمل إليه حفيده الصادق بكر ولده الباقر عليهم جميعاً صلوات أرحم الراحمين.
إحتضن زين العابدين حفيده ونور الإمامة يتلألأ من عينية، فترقرقت عيناه بدموع الشوق وهو يری شدة شبه عينيه بعينيّ جدته الطاهرة.
قبّل سيد الساجدين حفيده الذي إستقبل العالم بسجدةٍ لله رب العالمين وهذه من علامات الإمام عند ولادته، بولد طاهراً مطهراً وأول ما يستقبل به عالم الدنيا هو السجود لله العلي الأعلی تبارك وتعالی.
وفي المدينة المنورة بجده المصطفی (صلی الله عليه وآله) كانت ولادة مولانا الإمام الصادق (عليه السلام).
وقد إختار الله جلت حكمته يوم ولادة النبي المصطفی ليحتضن ولادة ناشر سنته النقية من جميع أشكال التحريف سليله وابن باقر علوم الأولين والآخرين.
ولذلك أضفی عليه جده الذي لا ينطق عن الهوی أشهر ألقابه والتي عرف بها (صلی الله عليه وآله) قبل بعثته الا وهو لقب (الصادق)وهذا ما ثبت في حديث اللوح وغيره من الأحاديث الشريفة المعتبرة، وتلقيب النبي الأكرم (صلی الله عليه وآله) لسليله جعفر بن محمد بلقب الصادق، تمثل في واقعها شهادة نبوية بأن سنته النقية هي عند هذا الإمام الناطق بالحق، كما أنها تمثل دعوة كريمة لطلاب الحق من مختلف الأجيال بأنهم لو أرادوا العمل بسنته فعليهم أن يأخذوها من هذه العين الصافية، من سادس أئمة عترته الطاهرة جعفر بن محمد الصادق صلوات الله وسلامه عليه.
إن ألقاب أئمة العترة المحمدية تكشف عن بعض مقاماتهم وتعرف المسلمين ببعض منازلهم الإلهية، كما لاحظنا في لقب الصادق من ألقاب مولانا جعفر بن محمد (عليهما السلام).
ومن ألقابه الأخری التي عرف بها لقب (الفاضل) الذي لقبّه به معاصروه من العلماء لأنه كان أفضل أهل زمانه في جميع فروع المعرفة فهو الفاضل وغير المفضول.
كما عرف (سلام الله عليه) بلقب (الطاهر) الذي يشير الی عصمته المطلقة وإنتمائه الی أهل البيت المحمدي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ومن ألقابه الأخری لقب (عمود الشرف) الذي يشير الی أن في الإعتصام به مجد المسلمين وعزهم.
كما لقبه والده الإمام الباقر (عليه السلام) بلقب (القائم) لقيامه بأحياء دين الله وسنة رسوله والذب عن الشريعة المحمدية.
وقد لقبه الكثيرون بلقب (الكافل) لأنه كان كافلاً للفقراء والأيتام والمحرومين يوصل إليهم أشكال المعونات وبمختلف الأساليب.
روي في عدة من المصادر المعتبرة عن هشام بن سالم قال: كان ابوعبد الله الصادق (عليه السلام) إذا أعتم وذهب من الليل شطره أخذ جرابا فيه خبز ولحم والدراهم فحمله علی عنقه ثم ذهب به الی أهل الحاجة من أهل المدينة فقسمه فيهم وهم لا يعرفونه فلما مضی فقدوا ذلك فعلموا أنه كان أبا عبد الله الصادق صلوات الله عليه.
وجاء في رواية أخری عن صاحبه المعلی بن خنيس رحمه الله أنه التقاه في ظلمة الليل وهو يحمل خبزاً فطلب منه أن يعينه علی حمله لثقله فأبی ثم ذهب به الی فقراء في ظلّة بني ساعده فوزعه عليهم دون أن يشعروا به أو يعرفوه رغم أنهم كانوا ينكرون إمامته!
متباركين بولادة النورين النبي محمد ( ص ) والإمام جعفر ابن محمد الصادق عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم