الشياهين والشياطين (بطولة القيم قبل بطولة السيف)
تزخر لغتنا العربية الجميلة بكلمات بعضها مترادفة والبعض الآخر منها متضادة . ولو ُسئلت يومًا عن المعنى اللغوي المترادف بين كلمتي " الشياهين والشياطين " ، فستجد الإجابة تأتي سريعة (إنها القوة) . لذلك يقال بأن الشياهين هم الصقور في قوة انقضاضها على فريستها ، وتساويها قوة هي وسوسة الشياطين لبني آدم ليلا ونهار لإبعاد النفس البشرية عن السير في طريق الخير ... ويبقى السؤال هل كل من يستخدم القوة يصل إلى طريق الحق ؟؟؟
الجموع في اليوم العاشر من محرم الحرام لسنة 61 هجرية وقفت موقفي الشياهين والشياطين كلٍ حسب معتقداته وإيمانه ... ولكننا نجد بأن هاتان القوتان متنافرتان قلبا وقالبا . فيأتي سيد الشهداء أبي الأحرار الإمام الحسين (ع) ليقف في ذلك اليوم شامخا بين هذين الجمعين (الشياهين والشياطين) فماذا فعل حيال ذلك ؟؟؟
تشير المصادر بأنه سلام الله عليه كان بين فترة وأخرى ومنذ خروجه من مدينة جده المصطفى (ص) وحتى وصوله كربلاء لم يترك مجالا للنصح تارة وتقوية النفوس تارة أخرى لكلا الفريقين إلا وقد قام بهما ... ولكن شتان بين ما فعله الفريقين في يوم كربلاء حيث طابق قوله (عليه السلام) حينما قال :"الإيمان حب و بغض" .وتتجسد هذه المقولة بما أظهره أصحابه رضوان الله تعالى عليهم من أفعال في تسليم أرواحهم طواعية لأمر إمام زمانهم امتثالا ومشاركة لقوله عليه السلام "إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما" .
ومن الملفت بأن العناصر التي شاركت في واقعة الطف إلى جانب معسكر الإمام الحسين كان منهم الشيخ الكبير كحبيب ابن مظاهر الأسدي ، ومنهم الطفل الرضيع ومنهم الشاب في ريعان شبابه كالقاسم والأكبر ومنهم العبد الأسود كجون ... الخ وهؤلاء كانوا قمة في العطاء والتضحية بقلوبهم وألسنتهم وسيوفهم .
في حين نرى بأن المعسكر الآخر كان قد ضم الجيوش المجهزة كثرة في العدة والعدد فمنهم المتغافلين ومنهم المتآمرين على قتل ابن بنت نبيهم ومنهم العابثين بما أقدموا عليه من هتك حرم آل بيت محمد الذين قال عنهم المصطفى (ص) : "إن أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى" !!!
فهل يا ترى بقيت قوة تجاذب بين المعسكرين أم أن انتصار الدم على السيف قد حسم الموقف وكلا الفريقين قد خلّف وراءه ما كان يؤمن به جيل بعد جيل ... ليبقى السؤال هل قتل يزيد الحسين أم أن الحسين قتل يزيدا ؟؟؟
بقلم : أم سيد يوسف