عندما يــُدفن الأب بعيدا عن ولده
بإطلالة شهر ذو القعدة الحرام سنعيش ذكرى ولادة الإمام علي بن موسى الرضا (ع) في الحادي عشر منه ، ونختم هذا الشهر بشهادة ابنه الإمام محمد الجواد (ع) بأيام معدودة لنستذكر بعضا من سيرتهما العطرة من خلال حضور المجالس الحسينية المباركة أو من خلال الإطلاع والقراءة والتصفح اليومي لشتى وسائل الإعلام المتاحة بفضل الله وجهود المخلصين والموالين لأهل البيت (عليهم السلام) في توفير المحتوى للجميع .
ما نطمح ونسعى إليه من معرفتنا لهذه المناسبات يجب أن لا ينحصر فقط في الحضور بإحياء أفراح ومشاركة أهل البيت (ع) بأحزانهم ، وإنما طلب التوفيق من الله لمعرفتهم والسير على نهجهم في أخلاقنا وتعاملنا وتربية أولادنا على حبهم لنجعل من حياتنا الاعتيادية شيئا مميزا وذخرا لنا في آخرتنا .
هكذا هي الدنيا ، فها هو غريب الغرباء (الإمام الرضا - ع) قد ابتعد بجسده الطاهر عن ولده الإمام الجواد (ع) ليــُدفن في مشهد المقدسة ويؤول جسد الإمام الجواد (ع) في أرض الكاظمية بجوار جده الإمام موسى بن جعفر (ع) ويا ليته من فراق وبعد بين الأحبة .. ولكن ستبقى قبورهم في قلوب محبيهم من شيعتهم متنقلين في أسفارهم بين هذا وذاك كلما سنحت الفرصة لهم ليتبركوا بمراقدهم الطاهرة ويسألون الله بشفاعتهم عنده في قضاء حوائجهم ما بقي الليل والنهار.
وفي منزلة محمد وآل محمد (ع) يقول أبو العلاء المعري :
والشخوص التي أضاء سناها قبل خلق المريخ والميزان
قبل أن تخلق السماوات وتؤمر أفلاكهن بالدوران
دعوتي للجميع من خلال كلماتي المتواضعة هذه تكمن في تكاتف الجهود من خطباء يرتقون المنابر بتخصيص مجالس إحياء مكثفة لهذه الليالي لحث الناس على القراءة والبحث والكتابة إن أمكن عن حياتهم المباركة ، لأنه من الملاحظ هذه الأيام انشغال الكثير من الناس بهموم توفير الحياة المعيشية لهم ولأسرهم بحيث أنّ تواجدهم و تفاعلهم وقراءتهم وبحثهم في ميدان الشأن الديني قد انحصر في بضع كلمات يسمعونها من هنا وهناك !!!
نسألكم الدعاء لنا ولجميع المؤمنين والمؤمنات ببركة الصلاة على محمد وآل محمد .
بقلم : أم سيد يوسف